هنالك العديد من الآراء حول أصل العربية لدى قدامى اللغويين العرب فيذهب البعض إلى أن يعرب كان أول من
أعرب في لسانه وتكلم بهذا اللسان العربي فسميت اللغة باسمه، وورد في الحديث النبوي أن نبي الله إسماعيل بن
إبراهيم أول من فُتق لسانه بالعربية المبينة وهو ابن أربع عشرة سنة بينما نَسِي لسان أبيه، أما البعض الآخر
فيذهب إلى القول أن العربية كانت لغة آدم في الجنة،2 إلا أنه لا وجود لبراهين علمية أو أحاديث نبوية ثابتة ترجح
أيًا من تلك الادعاءات.[9]
ولو اعتُمد المنهج العلمي وعلى ما توصلت إليه علوم اللسانيّات والآثار والتاريخ فإن جلّ ما يُمكن قوله أن اللغة
العربية بجميع لهجاتها انبثقت من مجموعة من اللهجات التي تسمى بلهجات شمال الجزيرة العربية القديمة. أما
لغات جنوب الجزيرة العربية أو ما يسمى الآن باليمن وأجزاء من عُمان فتختلف عن اللغة العربية الشمالية التي
انبثقت منها اللغة العربية، ولا تشترك معها إلا في كونها من اللغات السامية، وقد كان علماء المسلمين المتقدمين
يدركون ذلك حتى قال أبو عمرو بن العلاء (770م): "ما لسان حمير بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا."
وقد قام علماء الآثار بتصنيف النقوش العربية الشمالية القديمة المكتشفة حتى الآن إلى أربع مجموعات هي الحسائية
(نسبة إلى منطقة الأحساء) والصفائية والديدانية والثمودية، والأخيرة لا علاقة لها بقبيلة ثمود وإنما هي تسمية
اصطلاحية. وقد كتبت جميع هذه النقوش بالخط المسند (أي الخط الذي تكتب به لغات جنوب الجزيرة)، وأبرز ما
يميز هذه اللهجات عن اللغة العربية استخدامها أداة التعريف "هـ" أو "هنـ"، ويعود تاريخ أقدمها إلى عدة قرون قبل
الميلاد. أما أقدم النقوش باللغة العربية بطورها المعروف الآن فهما نقش عجل بن هفعم الذي عثر عليه في قرية
الفاو (قرب السليل) في المملكة العربية السعودية، وقد كتب بالخط المسند ويعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، ونقش
عين عبدات في صحراء النقب، ويعود تاريخه إلى القرن الأول أو الثاني بعد الميلاد، وقد كتب بالحرف النبطي.
ومن أشهر النقوش باللغة العربية نقش النمارة الذي اكتشف في الصحراء السورية، وهو نص مؤرخ بتاريخ 328م
ومكتوب بنوع من الخط النبطي القريب من الخط العربي الحالي، وهو عبارة عن رسم لضريح ملك الحيرة امرئ
القيس بن عمرو وصف فيه بأنه "ملك العرب".[10][11][12]
لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب؛ وكذلك جميع المفردات المشتقة من الأصل المشتمل على أحرف
العين والراء والباء، مثل كلمات: عربية وأعراب وغيرها، وأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري
المنسوب للملك الآشوري شلمنصر الثالث في القرن التاسع قبل الميلاد، ذكر فيه انتصاره على تحالف ملوك آرام
ضده بزعامة ملك دمشق، وأنه غنم ألف جمل من جنديبو من بلاد العرب، ويذكر البعض - من علماء اللغات[13]
- أن كلمة عرب وجدت في بعض القصص والأوصاف اليونانية والفارسية وكان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية
، ولم يكن هناك لغة عربية معينة، لكن جميع اللغات التي تكلمت بها القبائل والأقوام التي كانت تسكن الجزيرة
العربية سميت لغات عربية نسبة إلى الجزيرة العربية.
اللغة العربية من اللغات السامية التي شهدت تطورًا كبيرًا وتغيرًا في مراحلها الداخلية، وللقرآن فضل عظيم على
اللغة العربية حيث بسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته؛ في
حين اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها عدا لغات محلية ذات نطاق ضيق مثل: العبرية والأمهرية (لغة
أهل الحبشة، أي ما يعرف اليوم بإثيوبيا)، واللغة العربية يتكلم بها الآن قرابة 422 مليون نسمة كلغة أم، كما
يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه كلغة ثانية.
انتشار اللغات الساميّة حوالي القرن الأول الميلادي.فصل اللغويون اللغة العربية إلى ثلاثة أصناف رئيسية، وهي:
التقليدي أو العربي القياسي، والرسمي، والمنطوقة أو لغة عربية عامية. بين الثلاثة، العربي التقليدي هو الشكل
للغة العربية الذي يوجد بشكل حرفي في القرآن، من ذلك اسم الصنف. العربية القرآنية استعملت فقط في المؤسسات
الدينية وأحيانا في التعليم، لكن لم تتكلّم عموماً. العربية القياسية من الناحية الأخرى هي اللغة الرسمية في الوطن
العربي وهي مستعملة في الأدب غير الديني، مثل مؤسسات، عربي عامي "اللغة العاميّة"، يتكلّمها أغلبية الناس
كلهجتهم اليومية. العربية العامية مختلفة من منطقة إلى منطقة، تقريبا مثل أيّة لهجة مماثلة لأيّة لغة أخرى.