- فن نسيان الأخطاء
فن الاعتذار :
ــ هل يشعر الزوج بالمهانة عندما يطلب من زوجته أن تسامحه على خطأ ارتكبه فى حقها ؟
ــ ولماذا لا ينطق بها لسان الأزواج , إلا أثناء العلاقات الحميمة ( سامحينى - أنا مخطئ ؟ - آسف )
ــ وهل لاعتذار الزوج كرجل , أشكال وبدائل غير ما تتوقعها الزوجة من التصريح بالقول ؟
ــ وهل الهدايا والابتسامات واستئناف الحديث والمساعدة فى أعمال البيت من جهة الرجل تفى الغرض ؟
نعم … كل ما سبق هو الحقيقة , وقد سبق أن تحدثنا فى كتابنا : ( الزوج رجل والزوجة امرأة ) , عن الاعتذار وأسلوبه , لدى كل من الزوج والزوجة .
ولذلك فالنصيحة من أجل نسيان الأخطاء ، هو تقبل اعتذار الرجل بطريقته ، لكى تسير سفينة حياتنا الزوجية ، وإن كانت الزوجة كامرأة تعتذر وتتأسف وذلك على طريقتها ، فلا تطلب من الرجل أن يعتذر لها عن خطئه بطريقتها هى ، ولكن تقبله كما هو بطريقته هو .
لقد تفهمت إحدى الزوجات هذه الفروق ، فقالت : ( مع مرور الوقت أصبحت أفهم المغزى من هذه الإشارات الرمزية ، وأتجاوب معها كدلالة على أننى قبلت اعتذاره ، ففى النهاية لابد أن تستمر الحياة ) .
وزوجة أخرى تقول :
( فى النهاية يكفينى أن زوجى لا يقصد إيذائى ، أو جرح مشاعرى ، وبين الحين والحين أردد وصية أمى : ( حينما أوصتنى بأن أعرف متى أحنى رأسى للعاصفة حتى تمر ) .
وتقول أخرى :
( فى اعتقادى فإن كل أخطاء الأزواج يمكن الصفح عنها والتغاضى عنها ماعدا فعل الخيانة , فلا أعتقد بمقدور أية زوجة , نسيان أنها كانت ضحية للخيانة من قبل زوجها ) .
ولكى نطمئن الأزواج ، حتى ننسى أخطاءنا ، أبشركم بأن الزوجات قد أجمعن : بأن الرجل عندما يعتذر فإنه لا يسقط من عين زوجته , أو يهون أمره عليها ، بل ترتفع قيمته فى نظرها ، ويعلمها درساً فى الأمانة والشهامة واحترام الذات.
إن جملة ( سامحنى ــ أنا أسف ) بأى طريقة كانت ، غالباً ما تصفى الأجواء ، وتفتح الأبواب أمام التعاطف والتواصل ، وتمنح فرصة للبدء من جديد , كما أنها تجلب الثقة والأمانة والتواضع ، وهذه من أجمل الصفات التى يمكن أن يتشاركها الزوجان .
ومن فنون نسيان الأخطاء :
1- لا تسمحا لأحد بالتدخل فى معرفة الأخطاء , ولا يكن أحدكما سبباً فى تكبير الخطأ .
2- احذرا من التحدث عن الأخطاء أمام الأولاد , وما يصاحب ذلك من انفعالات , حتى ولو كانت بسيطة .
3- تذكرا عند الخطأ حسنات الآخر فهى الطريق لطرد الخطأ ونسيانه .
4- يسأل كل من الزوج والزوجة أنفسهما هذه الأسئلة ، للمساعدة فى نسيان الخطأ :
ــ ما يعجبنى فى الطرف الآخر ؟
ــ ما الأيام السعيدة التى مرت بنا ؟
ــ ما الأعمال المشتركة التى تمتعنا بها ؟
ــ ما الذى يسعد الآخر ويبهجه ؟
ــ ما الحلم المشترك الذى يجمعنا ؟
5- احذرا ذكر الماضى المؤلم , خاصة بعد الاعتذار , فإنه مثل فتح الجروح الملتئمة .
6- اذكرا أن لكل واحد منكما أخطاء , ولو اهتم كل واحد بإصلاحه أولاً , لسارت الأمور على ما يرام .
7- لا تفكرا فى المتاعب والهموم التى أحاطت بكما عند الخطأ ، ولا تفكرا إلا فى صفاء القلب ونقائه .
8- لا تقفا عند التوافه أو الأمور غير النافعة ، فذلك يطرد التوقف عند الخطأ ، أو مدعاة لتكبيره ، وهذه تمثل عملية غربلة ، حيث لا يبقى فى الذهن إلا النافع والمفيد .
هل نسيان الأخطاء عملة نادرة ؟
لقد سئل مجموعة من الأزواج والزوجات ، حول الأخطاء التى تدمر الحياة الزوجية فكان منها : عدم الاعتراف بالخطأ , و الاعتذار ، وعدم نسيان الأخطاء السابقة ، ونسيان المناسبات الخاصة ، حتى أن بعضهم وهو يجيب قال متهكماً : كيف تدمر حياتك الزوجية ؟!.
ومع إدراكنا الكامل لهذا الأمر ، لماذا لا نتجاوز وننسى أخطاء الآخرين ، بينما نطالبهم بنسيان أخطائنا ؟!
وللإجابة على هذا السؤال ، خاصة بين الزوجين , أن أحدهما لن يستطيع تغيير الطرف الآخر ليصبح خالياً تماماً ، وهذا مستحيل فى البشر ، الذين يخطئون ويصيبون .
وليس معنى ذلك الاعتزال والوحدة ، فهذا وإن كان ينفع مع بعض الناس ، لقول الشافعى :
الناس داء ودواء الناس قربهم
وفى اعتزالهم قطع المودات
فإنه لا ينفع بين الزوجين ، لأن حياتهما هى القرب ، والقرب عندهما دواء وليس مرض ، والمودة لا تنقطع لأنها من الله ، تقوى بهما وبقربهما ، وتقل ببعدهما ، ولذا فنسيان الأخطاء بينهما ليس مستحيلاً ، بل هو نعمة من الله ، عليهما أن يحافظا عليها ، بالشكر والاستمرارا على العمل بها .
وأخيراً :
من أعظم الفنون في تجاهل الخطأ الزوجي , أن يتعايش الزوجان في وجود الخطأ , ولذلك يتبادر دائماً هذا التساؤل : كيف يجيد الزوجان فن التعايش ؟ وهو فن خاص بين الزوجين , وهذا هو حديثنا معاً في الحلقة القادمة بإذن الله .