السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ولا يزال الحديث عن الصلاة موصولا ذا شجون ... لأنه حديث عن أحب الأعمال
إلى الله جل جلاله . وأصل القضية المطروحة : كيف نجمع قلوبنا في الصلاة
ونحن بين يدي الله ،
حتى نتذوق معانيها .. ونتحصل على ثمراتها ..
وننال بها مزيد قرب من ربنا تبارك وتعالى ..؟!
- - -
قال صاحبي : لقد وعدتني أن تحدثني عما ينبغي أن يحضر في قلبي عند القيام ؟
قلت : أصغ إليّ جيداً .. لعلك تلاحظ أن القيام أطول أركان الصلاة ، فأول ما
ينبغي أن تتذكره : _ طبعاً بعدما تتفرغ من الشواغل الظاهرة ، وبعد أن تلفظ
تكبيرة الإحرام و تستحضر معناها_ فلا ينبغي أن ترفع رأسك أثناء القيام ،
بل يجب أن تطرق إلى موضع سجودك .. ولتلزم قلبك التواضع لله ، والتبرئ من
الحول والقوة والتعاظم .. ولتقارن ( ولا وجه للمقارنة في الحقيقة ) موقفك
الآن بموقفك أمام مسئول أو وزير أو قائد .. كيف تلزم نفسك حسن الأدب أمامه ،
وحسن الصمت معه ، ودقة الانتباه له ، وقلة إحداد النظر إليه ، وتقييد
الحركات بين يديه ، وعدم الانشغال عنه بالالتفات إلى غيره .. ونحو هذا وكل
ذلك أمام مخلوق ضعيف عاجز .. فانتقل الآن بفكرك لترى نفسك بين يدي جبار
السماوات والأرض وسل نفسك وحاسبها كيف لا تلتزم الأدب في حضرته .. وقل لها :
يا نفس .. أليس من العيب أن تتأدبي أمام مخلوق ، وتعبثي أمام الخالق ؟؟
وقل لها : يا نفس ، ،،، غداً ستقفين مثل هذا الموقف ، فإذا أحسنت الوقوف
اليوم هون الله عليك الوقوف غداً .. وقل لها : يا نفس .. إن القيام في
الصلاة فيه تعظيم لله جل جلاله ، وعليك أن تؤدي حق هذا الركن .. وهكذا
.ونحو هذا ثم اجهد جهدك كله أن تعيش مع الآيات التي تتلوها ، أو تستمع
إليها ، وأبحر مع المعاني الربانية ، فبهذا ومثل هذا تبدأ تستشعر حلاوة
الصلاة ، وتأنس بها ، وتشتاق للقيام بها .. ويومها تكون ممن بشرهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم : سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله .. ذكر
منهم : ورجلٌ قلبه معلق بالمساجد .. فهنيئاً لك ، وبشراك .. ولكني أوصيك أن
لا تنسني من دعواتك …… تذكر دائما وأبدا ..
أن موضوع الصلاة يأتي على رأس الموضوعات التي ينبغي الاهتمام بها لأن صلة : صلة بين العبد وربه ،
فإذا قطعها فقد قطع علاقته بالله فماذا يبقى له بعدها ..؟! وعلى قدر إقبال العبد على الصلاة والمحافظة عليها ،
يكون قدره عند الله عظيماً
فتستطيع ان تعرف قدرك عند الله تعالى
بموقفك من الصلاة ، وحرارة إقبالك عليها ،
وحالك فيها ، وثمراتها عليك
بادر الهرولة إليها ، وأحسن الوقوف فيها ،
وتذوق معانيها ، واجهد أن تحقق حكمتها وثق تماما أنك لن تخرج من عنده بلا شيء
ثق أن الكريم لا يرد من طرق بابه فكيف بالله جل جلاله
استشعر هذا المعنى وأنت بين يدي الله ،
ثم اطلب منه ما تشاء من خيري الدنيا والآخرة
فحاشا ثم حاشا أن يرد طلبك
فبحر جوده يروي كل من يرده ..
وهو الجواد إذا لم يسأل ،
فكيف وأنت تسأله وتلح عليه ، وتطيل الوقوف على بابه ؟
ولا يزال وراء الكلام كلام ..