بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
وان التعوذ بالله من النار يوجب الإعاذة منها قد تكاثرت النصوص في أن
البكاء من خشية الله يقتضي النجاة منها والبكاء خوف من نار جهنم هو البكاء
من خشية الله لأنه بكاء من خشية عقاب الله وسخطه والبعد عنه وعن رحمته
وجواره ودار كرامته روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا
يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع خرجه النسائي
والترمذي وقال صحيح وعن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول عينان لا تمسهما النار عين بكت في جوف الليل من خشية الله وعين
باتت تحرس في سبيل الله عز وجل خرجه الترمذي وقال حسن وعن أبي ريحانة عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حرمت النار على عين دمعت أو بكت في جوف
الليل من خشية الله وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله وذكر عينا ثالثة
خرجه الامام أحمد وهذا لفظه والنسائي والحاكم وقال صحيح الاسناد وخرجه
الجوزجاني ولفظه حرمت النار على عين سهرت بكتاب الله وحرمت النار على عين
دمعت من خشية الله وحرمت النار على عين غضت عن محارم الله أو فقئت في سبيل
الله وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ما من عبد مؤمن
يخرج من عينيه دموع ولو كانت مثل رأس الذباب من خشية الله ثم تصيب شيئا من
حر وجهه إلا حرمه الله على النار خرجه ابن ماجه وقد روي موقوفا على من دون
ابن مسعود وفي الباب أحاديث أخر في المعنى مسندة ومرسلة وفيه أيضا عن معاذ
بن جبل وابن عباس من قولهما غير مرفوع وخرج ابن أبي الدنيا من طريق نفيع
أبي داود عن زيد بن أرقم أن رجلا قال يا رسول الله بما اتقي به النار قال
بدموع عينيك فان عينا بكت من خشية الله لا تمسها النار أبدا ونفيع سبق أنه
ضعيف ومن طريق النضر بن سعيد رفعه قال ما اغرورقت عينا عبد بمائها من خشية
الله إلا حرم الله جسدها على النار فان فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا
ذلة ولو أن عبدا بكى في أمة من الأمم لأنجى الله عز وجل ببكاء ذلك العبد
تلك الأمة من النار وما من عمل إلا وله وزن أو ثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ
بحورا من النار وقد روي هذا المعنى أو بعضه موقوفا من كلام الحسن وأبي
عمران الجوني وخالد بن معدان وغيرهم وعن زاذان أبي عمر قال بلغنا أنه من
بكى خوفا من النار أعاذه الله منها ومن بكى شوقا إلى الجنة أسكنه الله
إياها وكان عبدالواحد بن زيد يقول يا إخوتاه ألا تبكون شوقا إلى الله عز
وجل ألا إنه من بكى شوقا إلى سيده لم يحرمه النظر إليه يا إخوتاه ألا تبكوه
خوفا من النار ألا إنه من بكى خوفا من النار أعاذه الله منها وعن فرقد
السبخي قال قرأت في بعض الكتب أن الباكي على الجنة لتشفع له الجنة إلى ربها
فتقول يا رب أدخله الجنة كما بكى علي وإن النار لتستجير له من ربها فتقول
يا رب أجره من النار كما استجار مني وبكى خوفا من دخولي وفي حديث عبدالرحمن
بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال رأيت الليلة رؤيا فذكر
الحديث بطوله وفيه قال رأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم فجاءه وجله من الله
فاستنقذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي يهوي في النار فجاءته دموعه التي بكى
من خشية الله عز وجل فاستخرجته من النار وروى أيمن حدثنا سهل بن حماد حدثنا
المبارك بن فضالة حدثنا ثابت عن أنس قال تلا رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم هذه الآية نارا وقودها الناس والحجارة التحريم وبين يديه رجل أسود
فهتف بالبكاء فنزل جبريل عليه السلام فقال من هذا الباكي بين يديك قال رجل
من الحبشة وأثنى عليه معروفا قال فإن الله عز وجل يقول وعزتي وجلالي
وارتفاعي فوق عرشي لا تبكي عين عبد في الدنيا من خشيتي إلا كثرت ضحكه في
الجنة فصل في التعوذ من النار قال الله تعالى الذين يذكرون الله قياما
وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا
سبحانك فقنا عذاب النار إلى قوله فاستجاب لهم ربهم آل عمران وفي الصحيحين
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر
الملائكة الذين يلتمسون مجالس الذكر وفيه إن الله عز وجل يسألهم وهو أعلم
بهم فيقول مم يتعوذون فيقولون من النار فيقول وهل رأوها قالوا لا والله ما
رأوها فيقول كيف لو رأوها فيقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد منها
مخافة قال فيقول إني أشهدكم أني قد غفرت لهم وخرج الترمذي والنسائي وابن
ماجه من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ما من مسلم يسأل
الله الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ومن استجار من النار
ثلاثا قالت النار اللهم أجره من النار وخرج البزار وأبو يعلى الموصلي من
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ما
استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلانا استجار
مني فأجره ولا سأل عبد الجنة سبع مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلانا
سألني فأدخله الجنة وروي صالح المري عن أبان عن أنس عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم يقول الله عز وجل انظروا في ديوان عبدي فمن رأيتموه سألني الجنة
أعطيته ومن استعاذ بي من النار أعذته واسناده ضعيف وروى أبو صالح عبدالله
بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن عبدالله بن سليمان عن دراج عن أبي الهيثم عن
أبي سعيد أو عن ابن أبي حجيرة الأكبر عن أبي هريرة أو أحدهما حدثه عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا كان يوم حار فإذا قال الرجل لا إله
إلا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم قال الله لجهنم إن
عبدا من عبيدي استجارني من حرك وأنا أشهدك أني قد أجرته وإذا كان يوم شديد
البرد فقال العبد لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من
زمهرير جهنم قال الله لجهنم إن عبدا من عبادي استجارني من زمهريرك وأنا
أشهدك أني قد أجرته قالوا وما زمهرير جهنم قال بيت يلقى فيه الكافر فيتميز
من شدة برده وقال أبو يحيى القتات عن مجاهد يؤمر بالعبد إلى النار يوم
القيامة فتنزوي فيقول ما شأنك فتقول إنه قد كان يستجير مني فيقول خلوا
سبيله وقال سفيان عن مسعر عن عبد الأعلى الجنة والنار ألقيتا السمع من ابن
آدم فإذا قال الرجل أعوذ بالله من النار قالت النار اللهم أعذه وإذا قال
اسأل الله الجنة قالت الجنة اللهم بلغه وقال عثمان ابن أبي العاتكة قال أبو
مسلم الخولاني ما عرضت لي دعوة إلا ذكرت جهنم فصرفتها إلى الاستعاذة منها
وقال أبو سنان عيسى بن سنان عن عطاء الخراساني قال من استجار بالله من جهنم
سبع مرات قالت جهنم لا حاجة لي فيك
اللهم إنا نسألك رضاك و الجنة و نعوذ بك من سخطك و النار