لم تبكي وتعترض على الأقدار
بل صبرت ورضيت بقضاء الله سبحانه وقدره وقالت كلمات تهز القلب وتبكي العيون
,كلمات من فتاة في عمر الزهور ,كلمات حب هو أعظم حب من قلب مخلص صادق مؤمن
عرف الله فأحبه فأحبه الله،كلمات من فتاة ابتلاها الله سبحانه بمرض خطير
وهي في عمر العشرين –فالحمد لله - ,فأحببت أن أتكلم معها عسى أن أصبرها في
مرضها وأقف معها في محنتها ,فقلت لها بلسان الإنسان الجاهل "لماذا ؟ .".
وكأن الأقدار بيدي أو بيدها ،نسيت أن الأمر كله لله سبحانه فأستغفر الله
على ذنبي ،فوصفت لي مرضها ,فأهتز كياني حزنا ألما عليها استمرت بالكلام
فقالت "الحمد لله , أن الله إذا أحب أحد ابتلاه ,الحمد لله ,الله يحبني
يريد أن يكفر عني سيئاتي الحمد لله راضية أنا بحكم الله …"ومضت تتكلم كلمات
وجدت فيها أنها هي التي تصبرني لا أنا ,هي التي تعلمني الرضا بقضاء الله
وقدره ,كلمات لم تعرف السخط والاعتراض على الله سبحانه ,كلمات كلها شكر
وصبر وأيمان ويقين, فيا الله تلك هي القلوب المؤمنة التي تستقبل قضاء الله
فرحة مستبشرة ,لم ترى في مرضها فراق الحياة والأم المرض ,لم ترى فيه ضياع
الفرحة في الدنيا بل رأت فيه نعمة عظيمة ميزها الله سبحانه بها عن غيرها هي
نعمة تكفير الذنوب يريد الله لها الجنة ,ففهمت ما جهلته أنا وما يجهله
كثير منا ,عرفت الله فأحببته حبا صادقا فجعل في قلبها نورا لفتاة في عمر
العشرين ذلك العمر الذي يلهو به العديد من الفتيات وينسوا به الله وتجدهم
ساخطات غاضبات وهن في كامل عافيتهم وصحتهم أما هي أحبت الله منذ صغرها
فالتزمت بحجابها وجلبابها وصلاتها واليوم أتى موعد الامتحان بابتلاء من
الله سبحانه ,فنجحت نجاحا لا يكون إلا لمؤمن صابر صادق يملئ قلبه اليقين
,فتذكرت عندها أن الأيمان هو صبر وشكر ,صبر على طاعة الله بفعلها وصبر عن
معصية الله والمحرمات بالبعد عنها وصبر على قضاء الله وابتلاءه , أما الشكر
فشكر لله سبحانه على نعمه التي لا تحصى ,فالإنسان أما أن يبتلى فيصبر وأما
أن يرزقه الله نعمة فيشكر , أما هي فلم تصبر على قضاء الله سبحانه
وابتلاءه فحسب بل شكرته سبحانه على الابتلاء فكان الأيمان كله في الابتلاء
صبر وشكر نعم الأيمان كله,أحقا أحقا إنها تشكر الله على الابتلاء وغيرها
يزيد الله في نعمه عليه كل يوم وتجده ساخطا معترضا على حكم الله ؟؟!! أحقا
أنها تشكر الله على الابتلاء وغيرها ينعم الله عليه فتجده يضيع دينه كفرا
وجحودا فيا أسفا !!
ومضت تكمل كلمات تسطر بها نورا من نورها الذي أنعم الله سبحانه به عليها
قالت " وأنا في المستشفى قمت بأحياء ليلة القدر ,كنت أزور كل غرفة فأقرأ
عليهم القرآن وأفسر لهم ما أقرأ والقي درسا وأدع معهم وهكذا في كل غرفة
وكنت أواسي المرضى وأساعدهم ,واخفف عنهم الحمد لله " ومضت تحدثني وأنا ما
بين فرح وحزين فقالت "الحمد لله الذي يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته هناك
من هم في مصيبة أعظم من مصيبتي " ومضت تشكي إهمال الممرضات للمرضى بكلمات
تهز قلب كل إنسان على ضياع الضمير في قلوب من ,في قلوب ملائكة الرحمة بل في
قلوب لا تعرف الله قلوب ماتت ضمائرها فنسيت الأمانة ونسيت يوم تقف بين يدي
الله فتسأل, نسيت يوم القصاص يوم ترد الحقوق لأهلها ويقتص للشاة التي ليس
لها قرون من الشاة التي لها قرون نسوا الله فأنساهم أنفسهم ,فاللهم عليك
بالظالمين , فتوقعت منها أن تدع عليهم فدعت ولكن ماذا قالت.. قالت "اللهم
أهدهم" نعم تلك هي القلوب المؤمنة المبصرة بنور ربها لا تعرف الحقد حتى على
من ظلمها .." فسبحان الله سبحان الله … "