أنت تحبين الله ولكن
هل تريدين أن يحبك الله؟
جواب جميل...
فقد قال بعض الحكماء العلماء "ليس الشأن أن تُحب إنما الشأن أن تُحب".
تريدين الطريقة؟
تقربي إلى الله يحبك الله...
قال
تعالى في الحديث القدسي: (... ولا يزال عبــدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه... )، ومن فازت بمحبة الله فقد سعـدت في الدنيـا والآخرة... قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب
فلانا فـأحبوه فيحبـه أهـل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض".
قال
الحافظ ابن حجر: "المراد بالقبول في حديث الباب: قبول القلوب له بالمحبة
والميل إليه، والرضاء عنه، ويؤخذ منه أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله".
وإن قلت كيف أتقرب إلى الله
حتى أفوز بمحبته؟
حسنا لقد بدأت إذن...
تعلمي
كيف تجمعين الحسنات: أي كيف تحتسبين الأجر والثواب من الله في جميع
أعمالك، تعلمي فن التخطيط لمستقبلك في الآخرة كما أتقنت فن التخطيط لحياتك
الدنيا...
وتعرفي على أفضل الأعمال.. وأفضل الأيام.. وأفضل الصدقات.
إسألي عن أعظم الأجور، وطرق كسبها...
إبحثي عن أهل الخير وابني معهم علاقات قوية... إستفيدي منهم واستشيريهم تعلمي منهم كيف تتقربين إلى الله حتى يحبك سبحانه...
وشمري
عن العمل للآخرة كما شمرت من قبل للدنيا حينما كنت تستشرين أهل الدنيا في
أمورها للحصول على أفضل النتائج،عندما كنت تسألين قريباتك وصديقاتك من أين
اشتري قماش الفستان؟
وأي المحلات أقل في الأسعار؟
وأي الأقمشة أجود في الأنواع ؟
وأي الألوان يناسب دمجه مع لون آخر؟ و...... ؟
لا حظي أنك هنا سألت.. وبحثت.. وتعلمت.. كل ذلك حرصا منك على إتقان عملك وظهوره في أفضل صورة.
إن
امرأة مثلك نبغت في أمر دنياها لا أظنها عاجزة أبدا عن النبوغ والتفوق في
أمر أخراها، لأن تفوقك في أمور الدنيا أكبر دليل لك أنت شخصيا على قدرتك
على الإنتاج والتفاني حينما ترغبين وفي المجال الذي تحبين... فلا تذهبن
أيامك من بين يديك هكذا وأنت تنظرين!
بل جددي وغيري...
فالناس
يحبون التجديد والتغيير في الأثاث... في الملابس... في الأواني، ولكن
تجديك هنا من نوع آخر، في أمر أرقى من ذلك وأعلى، تجديد من نوع خاص جداً،
إنه تجديد في نيتك... أي في حيــاتك كلهـــا...!
نعم...
غيري... للأفضل للنية الحسنة... غيري وتعلمي كيف تحتسبين الأجر من الله في
كل صغيرة وكبيرة في تبسمك وغضبك... في نومك... في أكلك... وفي ذهابك
وإيابك في كل شيء... كل شيء...
((وكذلك
تجري النية في المباحات والأمور الدنيوية، فإن من قصد بكسبه وأعماله
الدنيوية والعادية الاستعانة بذلك على القيام بحق الله وقيامه بالواجبات
والمستحبات، واستصحب هذه النية الصالحة في أكله وشربه ونومه وراحته ومكاسبه
انقلبت عاداته عبادات، وبارك الله للعبد في أعماله، وفتح له من أبواب
الخير والرزق أموراً لا يحتسبها ولا تخطر له على بال، ومن فاتته هذه النية
الصالحة لجهله أو تهاونه فلا يلومن إلا نفسه. وفي الصحيح عنه صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "إنك لن تعمل عملاً تبتغي فيه وجه الله إلا أجرت عليه، حتى
ما تجعله في فيّ امرأتك")).
هاه... هل بدأت باحتساب الأجر؟
رائع... وأنك ستبدئين بإحتساب الأجر الآن وأنت تقرئين هذا الكتاب!
تُرى ماذا ستحتسبين؟
طلب علم شرعي.
رفع الجهل عن نفسك وعن المسلمين.
قضاء وقتك فيما يعود عليك بالنفع.
التقرب إلى الله بجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات عن طريق محاولة احتساب أجور الأعمال التي سترد في هذا الكتاب إن شاء الله...
وقد يفتح الله عليك فيوفقك لاحتساب أمور أخرى لم تذكر هنا!
و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد: 21)
عفـــواً
ما معنى الاحتساب؟
يجيبك ابن الأثير قائلاً:
"الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر
وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه
المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها".
فاحتسبي أعمالك اليومية كفعل الطاعات... والصبر على المكروهات... والحركات والسكنات...
ليحسب ذلك من عملك الصالح...
إن
الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسبين الأجر من الله ذلك
يعني أنك تطلبينه منه تعالى، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء قال الله
تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ} (آل عمران:29).
و
العمل لابد فيه من النية... فالتي تحتسب وتنوي بعملها وجه الله فهو لله،
والتي تنوي بعملها الدنيا فهو للدنيا فالأمر خطير جداً.. جداً. و"النيات
تختلف اختلافاً عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض، من
النساء من نيته في القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس
شيء وأدنى شيء. فإن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك
ذلك، وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل.
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (الاسراء:18).
ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي لا ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ لا لكل إنسان ـ فقيد المعجل والمعجل له.
إذا
من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه ومنهم من لا
يعطى شيئا أبدا. وهذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا
نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .
أما قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}
(الاسراء:19).
لابد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة". وهذا يعني أن تحرصي على الأحتساب.
ولا تنسي كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي لا يضيعه الله أبدا حتى وإن لم تتمكني من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!
" إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له
الأجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا
كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا
مقيما".
فمثلا إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا ولكنه منعه مانع،ولم يتمكن منه فإنه يكتب له أجر كاملا.
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعل فإنه يكتب له أجر النية فقط دون أجر العمل.
ولهذا
ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن أتاه الله مالا فجعل ينفقه في سبيل
الخير وكان رجل فقير يقول لو أن لي مال فلان لعملت فيه عمل فلان، قال النبي
صلى الله عليه وسلم: "فهو بنيته فهما في الأجر ســواء".
أي سواء في أجر النية أما العمل فإنه لا يُكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله".
إن
تعويدك نفسك على احتساب الأعمال خير على خير... فمن فضل الله ورحمته
بعباده أنه ]من كان من نيته عمل الخير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، ولا
يمكنه الجمع بين الأمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه
عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره وفضل الله تعالى عظيم[.
لماذا من المهم أن تحتسبي
الأجر في كل شيء؟..
حتى
تحققي الغاية التي خلقت من أجلها، لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب
عليه أمور كُلفت بها وتحاسبين عليها... لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون
همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله
تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه، وأن يحرص، على أن
تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك
الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ
تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل على ذلك أدلة
كثيرة...".
يارقة الندى...
إن
حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع
فتكونين ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:56) .
الاحتساب
مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "ولابد أيضا أن يميز العادة
عن العبادة، فمثلا الإغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن
غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل
المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية".
أنت
بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية
قبولا وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما
الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الآن... ألا يبدو لك الأمر مهما وخطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
لماذا الحديث عن الاحتساب؟
يا زهرة البداري...
قد تزهدين في العمل الصالح أحياناً...!
بمعنى
أنك لا تجدين حماسة له، ولربما كان السبب في ذلك أنك لا تعلمين أهمية هذا
العمل ولا الثواب المترتب عليه، أو أنك تجهلين أن بعض الأعمال البسيطة قد
تبلغ بك المنازل العالية فتستهينين بها...!
وفي الغالب يُفسر ذلك كله بعدم وجود الاحتساب في حياتك...
فلربما لا تدرين ما هو الاحتساب؟ ولا ماذا تحتسبين؟.
وقد
تشعرين عندما تقومين ببعض الأعمال الصالحة بوجود من ينكر عليك ويقول لك:
لا تتبعي نفسك... يكفي ما قمت به سابقاً... لماذا كل هذا المجهود؟ الأمر لا
يستدعي ذلك... لا تحرمي نفسك فأنت ما زلت شابة... إلخ.
سبحان الله! وهل العمل إلا في الشباب؟.
لو
علم هؤلاء أنهم هم المحرمون، وأنت من يقول لهم: كفى... كفى أريحوا أنفسكم
من اللهو والعبث... ولا تتعبوها بالغفلة... وارحموها من حمل أثقال المعاصي
المتراكمة...
أما
إن كان ما تقومين به من أعمال صالحة فيه منفعة للآخرين كقضاء حاجات
المسلمين من أقارب وأخوات في الله والتودد إليهم، فستسمعين من ضعيفات
الإيمان عبارات من نوع:
إنهم
لا يستحقون ما تفعلينه لأجلهم... في كل مرة تساعدينهم وهم لم يساعدوك مرة
واحدة... هل سبق أن قدمت لك فلانة هدية حتى تهديها تلك الهدية القيمة؟...
إلخ.
وكأننا خلقنا لنعمل من أجل الناس!
فإن أرضونا تفانينا في الإحسان لهم، وأن أغضبونا تفانينا في الإساءة إليهم!...
إذا ماذا بقي للآخرة؟...
ما الذي ستجدينه في صحيفتك إذا كانت أعمالك كلها منصرفة للبشر حسب علاقتك الشخصية بهم وليست لله وحده!...
إن الأيام لتذهب سريعاً فلا تفاجئي بخلو صحيفتك من الأعمال التي تبتغين بها وجه الله...
أشعرت ـ عزيزتي ـ بأن هناك من يزهد جدا في العمل الصالح، بل ربما يعتبر بعض الأعمال الصالحة ضعفا ومهانة ! كالعفو والحلم مثلا... !
لأجل ذلك كله كان الحديث عن احتساب الأجر أمرا نحتاج إليه..