لن أبكي ثانية ولن أتألم أكثر.. فقد
اكتفيت.. ذقت من العذاب ما يكفي لعمر بأكمله.. عذاب كره المحب وحب من لا
يبالي.. إئتمان الخائن وخيانة الأمين.. تصديق الكاذب واتهام الصادق بأبشع
الإتهامات.. أن يكون برهان الصدق أن تتخلى عن إيمانك بذاتك وإذا فعلت تكون
النتيجة إتهامك بالكفر.. أن تتخلى عن كل شئ تملكه أملا في شئ لا تملكه
وتخسره.. أن تعطي من لا يستحق وتنتظر الكثير ممن يراك لا تستحق.. أن تخفي
من أنت ومما تخاف عمن تحب ولكنه في النهاية يفعل كل ما يعلم أنه يكسرك.. أن
تصمت لأن الكلام سيكون بلا فائدة وتضطر إلى الكلام عندما يستمر أقرب البشر
إليك في تحميلك ما لا تطيق.. أن خلف كل ابتسامة بريئة قد يكون ألف وألف
خنجر مسموم ينتظر أن تدير ظهرك ليطعنك.. أن بعض الناس تبدو في رقة وضعف
الفراشات تخاف انكسار أجنحتها الهشة وتعتني بها وهي في الواقع وحوش تراك
كالصرصور وتنتظر الفرصة لتجري خلفك وتسحقك بالأقدام.
أشعر كأن عمري ألف عام.. تعلمت منك
أكثر من كل دروس الحياة ولا أشكرك ولا ألومك أيضا.. ليس جحودا ألا أشكرك
ولكني لم يتملكني الفضول يوما لأتعلم كيف أخاف من الأحلام وأخاف من
الحياة.
لسنا إلا بشر ولا أقول أنا من
الملائكة أو أقول ارحل لأنك أخطأت في حقي ولكن أنت رحلت بالفعل مع غيري منذ
زمن وآن الأوان أن ترحل من قلبي وذاكرتي.
لا أكذب ولا أقول لن أتذكرك ولكني أعدك أنني لن أذكرك ولن أبالي بذكراك.
وكيف أعدك بأني سأنساك وقلبي كالقبر
من يدخله مره لا يخرج منه أبدا.. نعم كالقبر لا يبالي إن يبقى فارغا ولا
يفتح إلا لمن لن يرغب في الخروج ولذلك أعلم أنه لن يتسع لشخصين وأعلم أنه
آمن لأنه لا يطمع فيه كل بحار تفتح له أبواب القصور ليستريح فيها ليوم واحد
من أسفاره.
أشعر بالأسى عليك لأنك
خائف..والخائف لا يوجد ما في الأرض ما قد يشعره بالأمان أبدا.. فالطفل يضحك
عندما يدفعه والده في الهواء لأنه يعلم أنه سيلتقطه وبعض الأطفال تبكي
وتتعلق بملابسه على الرغم أنها لم تسقط على الأرض يوما.. على الرغم من أن
الأب يخاف على إبنه من السقوط أكثر من خوف الطفل نفسه لأنه يحبه..أحبه حتى
قبل أن يراه وانتظره طويلا قبل أن يأتي.
لم أتمنى يوما أن تنظر وراءك على
ذكريات محطمة ولا أن تبحث عني في غيري ولا أن تطيل الحديث عني إذا ذكرك بي
شيئا.. لا أتمنى سوى أن تمضي بحياتك لأنك إذا عدت تقتفي آثار أقدامك حيث
تركتني لن تجدني هناك.. حيث تركتني كاليتيم في برد الشتاء بلا مأوى وهي
تمطر بغزارة..لأنني لم أتمنى لك الألم يوما عندما أحببتك ولم أتمناه لك
عندما هجرتني ولن أتمناه الآن بعد أن حطمتني..
ألا تتذكر؟
كنت خائفة وأخبرتني أنك الفارس
النبيل ومعك أنت ليس هناك ما أخشاه, كنت محطمة فحضنت يدي بيديك في حنان
لتحطيني حلما رقيقا يلملم أشلاء قلبي المبعثرة ويضمها حتى تتماثل
للشفاء,كنت أشعر بالضياع.. لم أكن أعرفك كما ينبغي لكني شعرت معك بالأمان
لأنني سأمت الخوف فرأيت فيك كل ماتمنيت وكل ما كنت أحتاج.. كنت تحمل الخنجر
بيديك واقتربت منك لأضمك لا لأنني ظننتك لن تتطعنني ولكني رأيت حضنك حيث
أنتمي.
كان كيوبيد يتربص بحديقتي وجعبته
مليئة بالسهام ففتحت البوابه على مصراعيها وفتحت كل النوافذ فلم يترك سهما
واحدا إلا ورشقه في صميم فؤادي.
كانت السفينة آمنة على المرفأ لكنها
أبت إلا أن تعبر البحر الهائج.. فأبحرت مع الريح بلا قبطان وتحطمت عند أول
عاصفة وحطام السفينة لا يبحر ولو انتهت العاصفة لا مع الريح ولا بمساندة
أعظم البحارين لأنه ببساطه مجرد حطام يحمل الموج بقاياه إلى كل الشطآن
فتلفظه لأنه بلا فائدة.
وسندريلا لم تتخيل يوما أنها بعد أن
وجدت الأمير منتظرا قدومها عند باب القصر ولا يبالي بكل الأميرات أنها
كانت ترقص معه رقصتها الأولى والأخيرة.. وكيف وقد تعثرت في حذائها وتركته
هناك؟.. كيف وقد التقط الأمير الحذاء وبحث عنها في كل أرجاء البلاد؟..
ولكنه عندما وجدها ألبسها فردة الحذاء وتركها ورحل ليعلن للعالم عن اختياره
لأميرته التي كانت له من البدايه ولكنه يعترف أنه أحب سندريلا!!!!!!!!!!!!
لماذا تركتني هنا؟ لماذا لم تدعني
حيث كنت إذا كنت لن تكمل معي الطريق.. تركتني هنا ولا أعرف أين أنا ولا
أعرف الطريق للعودة إليك ولا للمنزل, تركتني حيث لا أحد يستطيع العثور علي
ولا حتى أنت..فعلى الأرجح نسيت أين تركتني, ولأنك لا ترى نفسك أبدا مخطئا
فلو تلاقينا صدفة بعد سنوات وتذكرتني من أنا.. ستلومني نعم فأنا كنت تائهة
بعيدا بدلا من أن أحبك وأرعاك.
انتظرتك هنا ولم أكن أفعل سوى
الأنتظار, فقد اعتاد قلبي أن يدق سريعا حينما أنظر في عينيك أو أسمع صوتك
في أذني, وحين علمت أنك لن تأتي توقفت دقاته وصرت ساكنه كالموتى.. أنتظرك
هناك.. لم يكن هناك أمل أن تأتي لمجرد أنني كنت أحتاج إليك.. ولكن الأمل
الوحيد في الحياة كان انتظارك.. كنت أرتجف حين أسمع حفيف الأشجار فأي صوت
للحياة يخيل لي أنك ستأتي الآن لكنك لم تأتي.
لم أصدق نفسي حين رأيتك من النافذة
تنظر إلي وتبتسم.. لم أنتظرحتى تنادي.. طرت إليك وكأنني طفل تاه من أمه في
الزحام وجرى نحوها حين رآها أمامه ثانية, وكيف لا؟ فقد كنت أضيع من نفسي
حين أتذكرك.. وأضيع أكثر حين أحاول ألا أتذكرك.. لأن كياني تلاشى في حبك,
وأتذكرك أكثر مني أنا.. نعم.. فقد أحببت اللون الذي ترتديه, والآن حين أنظر
إليه أحبه فأهرب من الذكرى, وأنظر للوني المفضل.. فأراه غريبا عني.. فأهرب
من الفكره.. فتتساوى في نظري كل الألوان!عفوا أنني كنت أصفك بالجنون حينما
تقول أنني أدفعك إلى الجنون.. عفوا لست مجنونا أبدا فأنت الجنون.. ومشكلتي
أنا أنني اعتدت الواقع فعشقت الجنون فألقى بي من النجوم إلى أرض الواقع
الصلبة عندما تبخرت الأحلام مع شروق الشمس..
هذه هي الأسباب التي جعلتني لم أعاتبك على رحيلك ولكنني للأسف.. نسيت أن أسألك ألا تتركني ثانية.
حينها..لم أكن أستطيع الحياة بدونك ولكن جاء اليوم الذي سألت فيه نفسي ماذا عني انا.. ماذا عني أنا.
نعم سأموت.. ولكن ارحل عني.. دعني هنا.. حيث.. تركتني.